ماذا بعد «تاريخ البكاء»؟ بقلم: يوسف أبو لوز صحيفة_الخليج
غاستون باشلار، كلود ليڤي شتراوس، ورولان بارت، ماكس شيلر ، غوستاف لوبون أكثر من قرأ طبيعة ظاهرة الحشود الجماهيرية، وعلى المستوى العربي قرأنا «الاسم العربي الجريح» للمفكر المغربي عبدالكبير الخطيبي بشغف عند ظهوره في أوائل ثمانينات القرن العشرين.
لم أقرأ كتاب «تاريخ البكاء» ولم تصلني نسخة منه بأية وسيلة ممكنة، لكن قرأت عروضاً مقتضبة عنه، وعند هذه النقطة، أي عروض الكتب أتوقف قليلاً، فالبعض من هذه العروض لا يعدو كونه شكلاً من أشكال القرصنة أو الضحك على الذقون، أي الضحك على القارئ الذي لم يحصل بعد على نسخته من الكتاب، فتجده متعطشاً لعنوان جاذب مثل «تاريخ البكاء»، وحين يشرع في قراءة عرض الكتاب أو التعريف به يجد أن العرض هو مجرّد لملمة لمقتطفات من قراءات هنا وهناك لا رابط بينها، ولا تعطي صورة منطقية مهنية عن الكتاب...
هناك العديد من هذه الحالات النسخية «اللممية» موجودة في الصحافة الثقافية العربية، وفقط ما عليك إلّا أن تتابع الجمل والفقرات في المقالة الواحدة لتجد أنها مركبة تجميعياً من أكثر من مكان إلكتروني أو غير إلكتروني من دون أية أمانة صحفية أو أخلاقية، والغريب أن بعض المحررين المسؤولين في الصحافة الثقافية العربية يحشون صفحاتهم اليومية سريعاً بهذه المواد التجميعية المدوّرة كتابياً كما يجري تدوير مواد الكرتون أو البلاستيك، وتحويلها إلى سلعة.
سنعود إلى الدموع في كل الأحوال، فمن منّا بوصفنا كائنات بشرية إنسانية لم يبك ذات يوم، أما إذا حدث وأنك لم تذرف دمعة واحدة طيلة حياتك، فأنت صخرة أو ديناصور أو شجرة سنديان عادة ما تصنع من خشبها التوابيت.