'أن تقرر العيش وحيداً، فأنت وشأنك، وتلك حياتك تصرفها وتعيشها بالطريقة التي تناسبك، لكن الوحدة ليست قراراً فردياً دائماً وليست خياراً، فقد تفرض على البعض وحدة لم يسعوا إليها يوماً' المزيد في مقال عائشة سلطان Ayshas6 صحيفة_البيان
ونحن نعبر بهوه الفسيح باتجاه المصعد لاحظت أن البهو أشبه بقاعة استقبال تعج بكبار السن، كانوا يتناولون القهوة ويلعبون الشطرنج ويتحدثون لبعضهم باسترخاء واضح، وهناك زوار جاءوا لزيارتهم، حين سألت عرفت أن المكان مخصص لاستقبال كبار السن في المنطقة، يقدم لهم خدمات كثيرة اجتماعية وترفيهية وعلاجاً فيزيائياً ونفسياً، وفيه يستقبلون زوارهم، حماية لهم من حياة الوحدة الكئيبة.
أن تقرر العيش وحيداً، فأنت وشأنك، وتلك حياتك تصرفها وتعيشها بالطريقة التي تناسبك، لكن الوحدة ليست قراراً فردياً دائماً وليست خياراً، فقد تفرض على البعض وحدة لم يسعوا إليها يوماً، ولم يختاروها، لكنها الحياة لا تستوقف أحداً ولا تناقشه فيما يحصل له، إنه القدر الذي لا يملك الإنسان أمامه سوى القبول! إن الإنسان الذي تفرض عليه وحدة قاسية لا يكون سعيداً أبداً، قد يقبلها، ويعتادها، لكنه حتماً يفعل ذلك مضطراً لا أكثر، لكن هل تساءلنا كيف يصرف رجل كهل أيامه؟ كيف تقضي امرأة عجوز لياليها الصعبة بكل ما تواجهه فيها، كيف يقضي الوحيدون أوقاتهم الطويلة بين جدران منزل لا يضم سواهم، ربما يشارك الرجل سائق أو خادم آسيوي وكذلك تعيش العجوز ترافقها خادمة آسيوية كذلك، بينما تمر أثقل الأيام دون أن يضاء البيت بزيارة قريب، أو يتردد فيه أصوات...
هذه حياة لا تحتمل، وطبيعي أن تدفع بصاحبها لتصرفات خارجة على المنطق، أليس من المنطق أن يعيش هؤلاء وسط الناس، تكون لهم صحبة وأهل وأبناء يترددون عليهم ويرعون شيخوختهم ويخففون آلامها عليهم؟ فأين هم؟ أين الجيران؟ أين الخدمات الاجتماعية التي يفترض أن تقدمها مؤسسات الرعاية الحكومية بعيداً عن دور المسنين التقليدية؟ لابد من وقفة متقدمة وإنسانية تحاكي التطور في هذا المجال ننقذهم بها من عقاب الوحدة القاسية!