عرب اليوم في قمة مختلفة بقلم: جميل مطر صحيفة_الخليج
شهدت نهاية القرن العشرين غياب الاتحاد السوفييتي كقطب دولي، وتولّي الولايات المتحدة مهام الهيمنة في النظام الدولي، باعتبار أنها صارت قطباً أوحد على قمة النظام. كان لا بد أن يكون النظام العربي، بحكم ضعفه، أول من يتأثر بهذا التغيير الجوهري في هيكل توازن القوى العالمي. وواقع الأمر يشهد أن السلوك السياسي للولايات المتحدة في كثير من الحالات السابقة على انفراط الاتحاد السوفييتي كان ينم عن اقتناع أمريكي، وغربي بشكل عام، بأن الولايات المتحدة تحوز حق التصرف كقطب مهيمن.
جدير بالذكر أن دول النظام الإقليمي العربي تنتمي في أغلبيتها العظمى لجماعة دول الجنوب التي عاشت منذ الاستقلال، تتعامل مع تحديات تراثية من نوعين، النوع الأول يتعلق بتراث الاستعمار الغربي، والثاني بتراث وبقايا نفوذ القوى العظمى، الغربية والشرقية، على حد سواء. ومما لا شك فيه أن جانباً من الترحيب بالعلاقات مع الصين يجد جذوره في حاجة هذه الدول لممارسة سياسات تدعم جهوداً تتحدي بها ضغوط أحد التراثين، أو كليهما معاً.
يتطور التحدي الذي تمثله إسرائيل ويتلون بتطور السياسات الأمريكية تجاه فرض إسرائيل لاعباً أساسياً في مواجهة نظام إقليمي عربي يزداد ضعفاً وانفراطاً. يحدث هذا في ظل استمرار عمليات توسع اسرائيل في أراضي الفلسطينيين، غير عابئة بمعارضة صورية من جانب العواصم الغربية، ومعارضة عاجزة من جانب الدول العربية. لا جدال في أن قادة الجامعة العربية في مرحلتها الجديدة سوف يأتون إلى اجتماعاتها مزودين بمواقف، ولو إرشادية في بداية الأمر، تحاول بها التصدي لهذا التحدي.
* ثالثاً: الاعتقاد المتجدد بأن لا أمل في «عودة الروح» للنظام العربي ومنظمته القومية إلا بالتكامل الاقتصادي. لوقت طويل عانى العمل العربي المشترك من عجز شديد في خطط وممارسات التكامل الاقتصادي. توقفت مشاريع عدة، بعد أن وجدت السبيل للتنفيذ مع الطفرة المالية في أعقاب قرارات حظر تصدير النفط خلال الحرب العربية ضد إسرائيل عام 1973. توقفت المشاريع ومعها تجمدت أنشطة مجموعة متميزة من خبراء التكامل في العالم العربي.