خارج اللعبة السردية صحيفة_الخليج
يهاجر الروائي ممّا هو واقعي أو مُتخيل أو فانتازي أو تجريدي إلى شخصيات حقيقية.. سياسية أو صوفية أو قيادية ليبني عليها معمار سرده؛ بحيث لا تظهر الرواية وكأنها سيرة ذاتية للشخصية التي يقوم عليها النصّ الروائي، وهذه هي اللعبة الذكية للروائي الذي يتدخل في حياة الشخصية، فيضيف إلى سيرتها وحياتها شيئاً من مخيّلته، كما لو أن المؤلف وشخصية الرواية هما بطلاها أو عموداها السرديان.
هكذا، فإن البطل الروائي «جاهز» أصلاً في ذاكرة القارئ، أو لنقل إن هذا البطل مقروء سلفاً، وما الرواية سوى استعادة سردية جميلة يقوم الروائي بحقنها بجماليات أو مفاجئات أو حتى حَيَوات أخرى هي كلّها إنتاج مخيّلته الروائية، والسؤال هنا، لماذا غاب الشعراء عن التوظيف الروائي والاستحضار السردي الممزوج بالمخيّلة؟.
ولكن هذه الهمّة التي كانت تحتقر كل ما هو أمامها قد بدت جبانة تماماً وهو يلاقي قاتله فاتك بن أبي جهل الأسدي غربي بغداد، وكان المتنبي على وشك الهرب، والقصة معروفة للقارئ، وما من داع لتكرارها، فالمهم، هنا هو النموذج الروائي المثالي الذي يمكن أن ينطبق على المتنبي وحياته.. هذا الشاعر الذي شغل زمانه كما يقال دائماً، أما ذروة درامية المتنبي فتمثلت في حلمه المنكسر..
تنطوي شخصية الشاعر اللبناني خليل حاوي على عناصر روائية درامية، فهو عمل في صباه في مهنة البناء ورصف الحجارة بعد وفاة والده وهو في ال12 من عمره، لكن الذروة الروائية في شخصية خليل حاوي هي انتحاره بإطلاق النار على رأسه عندما اجتاحت القوات «الإسرائيلية» بيروت في عام 1982.