تونس بين صندوقين.. بقلم: كمال بالهادي صحيفة_الخليج
في هذه الأيام لا يسمع التونسي إلا حديثاً عن الصناديق، منها ما هو محلي، ومنها ماهو دولي، فأما المحلي فيتعلق بصناديق الاقتراع والحملة الانتخابية ويوم التصويت، وها قد جرت الانتخابات، ومن المبكر جداً الحديث عن نتائجها وكيفية تشكل المجلس النيابي الجديد، لأن الأمر قد يطول حتى شهر مارس/ آذار المقبل، لنرى أولى جلسات مجلس نواب الشعب.
الصندوق الأوّل كشف عن خباياه من خلال نتائج مشاركة هي الأضعف في تاريخ تونس، سواء ما قبل 2011، أو ما بعده. وهذا العزوف الشعبي الواسع عن المشاركة في الحياة السياسية برمّتها، سواء من خلال الانخراط في الأحزاب أو من خلال عدم القيام بالواجب الانتخابي، يمكن فهمه ضمن سياق نفسي وذهني تونسي، لم يعد قابلاً البتّة للمشهد السياسي العام في بلد يرزح تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة. والأخطر منها هو النسق البطيء جداً في إحداث تحولات جذرية في المسألتين، الاقتصادية والاجتماعية، تغير جوهرياً حياة التونسيين.
ما يهمنا هنا هو الحديث عن هذه المؤسسة المالية الدولية، وقرارها تأخير المصادقة على اتفاقية القرض مع تونس، وقد مثّل هذا الحدث مناسبة لمعارضي الرئيس، باعتباره قراراً سيجهز على المالية العمومية المختلة، وسيسّرع سقوط الرئيس، بحسب تفكيرهم، فهم يجهزون أنفسهم منذ 25 يوليو/ تموز 2021 لسقوط قيس سعيد، وأخذ مكانه. فيما يرى آخرون أنّ هذا التأجيل هو فرصة لتونس لتحدد خياراتها الوطنية النابعة من إمكاناتها الحقيقية، والنظر إلى شراكات مع دول صديقة وشقيقة وتجاوز مرحلة التسول على أعتاب صندوق النقد.
«الفتيان الذهبيون»، وهو مصطلح أطلق على نخبة من التونسيين الذين درسوا في الغرب، ويتم ضخهم تدريجياً في ساحة القرار الاقتصادي والمالي والسياسي التونسي، يقولون إنّ «الخروج عن سكة صندوق النقد» هو عملية انتحارية، وإنه من غير المسموح إطلاقاً، مجرد التفكير في هذا الأمر. في حين أنّ آراء أخرى تعتقد أن صندوق النقد ليس قدراً محتوماً. فتونس لم تكن مرتهنة لهذا الصندوق خلال تسعينات القرن الماضي، ومع ذلك، خطت منوالاً تنموياً يعتمد على شراكات استثمارية واسعة مع دول صديقة وشقيقة.
تونس الآن، على ما يبدو، أمام تحول حقيقي وجذري، وهذا يتطلب المسارعة بتقديم مشروعات ضخمة تعرض على الشركاء «الجدد» لتحويلها إلى برامج واقعية قابلة للتنفيذ، وتساهم في تغيير حياة التونسيين. وقد تابعت شهادة الرئيس التركي أردوغان وهو يتحدث عن علاقته بممثلي صندوق النقد، وكيف اضطر إلى قطع العلاقة مع هذا الهيكل المالي، نتيجة إملاءاته التي رآها أردوغان تمس السيادة الوطنية، وتحدث أيضاً عن محاولات الصندوق إقامة لوبيات داخل تركيا تنسق مع المعارضة حتى لا تخرج بلاده من أسر الصندوق.
الإمارات العربية المتحدة أحدث الأخبار, الإمارات العربية المتحدة عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.
روسيا تدعو إلى التهدئة بين أرمينيا وأذربيجان في «كرا باخ» | صحيفة الخليجدعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، إلى التهدئة بين أرمينيا وأذربيجان خلال اجتماع في موسكو مع نظيره الأذربيجاني قاطعته أرمينيا، في ظل اندلاع أزمة جديدة في منطقة ناغورنو كرا باخ المتنازع عليها.
اقرأ أكثر »
السوداني وميلوني يبحثان الشراكة بين العراق وإيطاليا | صحيفة الخليجأعرب رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أمس الجمعة، عن تطلع بلاده إلى تفعيل مسارات الشراكة والاستثمار مع إيطاليا، وعموم دول الاتحاد الأوروبي، فيما أصدر القضاء الأعلى حكماً بالإعدام بحق مدان بالمشاركة
اقرأ أكثر »
بالفيديو| اشتباكات بين متظاهرين أكراد والشرطة الفرنسية في باريس | صحيفة الخليجأعلنت الشرطة الفرنسية عن اندلاع اشتباكات بين متظاهرين من الجالية الكردية والشرطة في العاصمة باريس، فيما تطلق الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع على تظاهرة كردية وسط باريس. وأفادت الشرطة الفرنسية بإرسال تعزيزات إلى منطقة ستراسبورغ سانت دوني وسط باريس. ولقي ثلاثة أشخاص حتفهم، وأصيب ثلاثة آخرون، بعدما فتح مسلح النار على مركز ثقافي كردي ومقهى كردي مجاور في وسط باريس، الجمعة، فيما قال ممثلو الادعاء، إنهم ينظرون في ما إذا كان هناك دافع عنصري وراء الهجوم.
اقرأ أكثر »
هطول الأمطار مع انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة | صحيفة الخليجتتأثر الدولة ابتداءً من اليوم السبت بحالة جوية غير مستقرة تستمر لمدة يومين تشهد هطول أمطار مختلفة الشدة على مناطق متفرقة مع انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة.
اقرأ أكثر »
ميلاد الإنسانية المعذبة | صحيفة الخليجد. نسيم الخوري كيف يرتسم المكان في الحبر والأذهان؛ إذ يكتبون أو يبتهلون متذكّرين المذود العتيق في «بيت لحم» منتصف الليلة، وكلّ ليلة، في 24 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام؟
اقرأ أكثر »
ترامب يخسر الرهان | صحيفة الخليجفيصل عابدون لم يكن قرار لجنة التحقيق في الهجوم على الكونغرس مفاجئاً بأي حال، بل على العكس فقد كان الجميع ينتظر إدانة الرئيس السابق دونالد ترامب في تلك الواقعة، وكانت القضية كلها تحديد التوقيت الذي سيخرج فيه القرار. لكن الجديد في ذلك هو لغة القرار المحتشدة بلهجة غاية في الشدة والقوة وعدائية بالكامل. وبرز ذلك بشكل واضح في التصريحات التي أعقبت تصويت اللجنة.
اقرأ أكثر »