الوطن العربي ونهاية الحرب الباردة.. بقلم: يوسف مكي صحيفة_الخليج
في المقال السابق، تناولنا جانباً من الصراع الدولي على الوطن العربي، وأشرنا إلى تأثيرات الحرب الباردة في هذا الصراع، حيث قسمت التوجهات السياسية والتحالفات داخل البنيان العربي، تبعاً لما يجري على الساحة الدولية. واقع الحال أن الصراع الدولي على المنطقة، لم يتم بين المعسكرين، الرأسمالي والاشتراكي، فقط بل كانت له امتداداته، حتى ضمن المعسكر الواحد.
وبسقوط حائط برلين، في نهاية الثمانينات من القرن الماضي، وما تبعه من انهيار درامي للمعسكر الاشتراكي، برزت حقائق جديدة في السياسة الدولية، حيث لم يتبق في الساحة، من قطبي المعادلة الدولية المستندة إلى الثنائية القطبية، سوى ركن واحد، هو الركن الأمريكي. وكان الرئيس جورج بوش الأب، واعياً لما يقوله، حين أكد في خطاب النصر، أن النصف الثاني من القرن العشرين كان أمريكياً بامتياز، وأن القرن الواحد والعشرين ينبغي أن يكون كذلك. لكن الأماني وحدها، غير كافية لتحقيق أحلام اليقظة. فلم يكن للهيمنة الأمريكية على العالم أن تستمر إلى أمد طويل، لكون ذلك يعتبر نشازاً في التاريخ.
ورغم أن روسيا بدأت تلملم قوتها، وتعود رويداً رويداً إلى المسرح الدولي، لكنها في بداية هذا القرن، بدت عاجزة عن التنافس مع أمريكا. أما الصين الشعبية، فكانت منهمكة في بناء قوتها الاقتصادية، بشكل قلّ له نظير في التاريخ الإنساني. وقد بلغت تعاملاتها التجارية مع أمريكا في حينه ما يربو على 25 في المئة من تجارتها الخارجية، ولذلك لم تكن في وارد استفزاز اليانكي الأمريكي، وتعريض مصالحها للخطر. وهكذا تم احتلال العراق، بقليل من الاعتراض الدولي.