المنظمات الغربية في مناطق النزاعات بقلم :الحسين الزاوي صحيفة_الخليج
ويشير الباحث برتراند بادي، إلى أن المنظمات الدولية غير الحكومية بدأت تأخذ أهمية معتبرة منذ الحرب العالمية الثانية، في تعارض مع المنظمات التي تمارس نشاطها بتنسيق مباشر مع حكومات الدول، وتعمل المنظمات الدولية غير الحكومية في المقابل مع المنظمات الوطنية غير الحكومية، ويكون لبعضها من ثم نشاط متصل بهيئات الأمم المتحدة.
ما يلفت الانتباه في هذه المنظمات الدولية غير الحكومية، هو كونها منظمات غربية في المقام الأول، وتخدم بشكل مباشر أجندات القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، ويتساءل في هذا السياق فانسان براديي، عن الأدوار والمهام المستقبلية للمنظمات الدولية غير الحكومية التابعة للغرب، في عالم جديد بدأ يأخذ ملامح غير غربية في لحظة ميلاد نظام دولي متعدد الأقطاب.
ويذهب المتابعون للشأن الدولي إلى أن الميزانيات الضخمة التي تمتلكها هذه المنظمات وأسلوب تدخلها في شؤون الدول، يُسهم في تفنيد الكثير من المزاعم المتعلقة بطبيعة نشاطها، من قبيل استقلاليتها عن أجندات الدول الداعمة لها، والتزامها بالمهام الإنسانية بشكل احترافي؛ لذلك فقد جرى في المؤتمر الذي عُقد في باريس في ديسمبر/كانون الأول من السنة الماضية، التشكيك في قدرة المنظمات الدولية غير الحكومية التابعة للغرب، على أداء مهامها الإنسانية بشكل متوازن في سياق الأزمة الأوكرانية التي تشهد استقطاباً حاداً وغير...
لقد تحوّلت المنظمات الدولية غير الحكومية الغربية، خلال العقود الماضية، إلى أداة ضغط سياسي كبير على العديد من الدول التي لا تستجيب ممارساتها وخياراتها السياسية للسجلات والبرامج التي تضعها القوى الكبرى في الغرب، وأصبحت بعض هذه المنظمات تمارس نشاطاً دبلوماسياً موازياً لدبلوماسية الدول ذات السيادة، وخاصة في الملفات المتعلقة بحقوق الإنسان والعمل السياسي والحزبي، وكل المسائل المتصلة بتداول السلطة في قارات آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتُصدر هذه المنظمات بشكل دوري، صكوك براءة للأنظمة الموالية...
ويمكن القول إنه ونتيجة للتحولات الجيوسياسية الهائلة التي يشهدها العالم، فإن العديد من الدول، لاسيما في إفريقيا وآسيا، تفضّل خيار المواجهة مع هذه المنظمات، وتقوم بتضييق وحصر نشاطها حيناً، وبمنعه بشكل تام أحياناً أخرى؛ كما حدث في مالي، على سبيل المثال، عندما قامت سلطات باماكو بوقف نشاطات المنظمات الدولية، وعلى رأسها تلك المرتبطة بفرنسا في سياق أجواء التوتر القائم بين العديد من الدول الإفريقية وباريس.