المذيع الأحلى والأمثل .. بقلم: صفية الشحي صحيفة_الخليج safiaalshehi
نشرت وكالة الأنباء الصينية «شينخوا» في مارس/ آذار من عام 2017، مقطع فيديو لما قالت عنه إنه أول مذيع ذكاء اصطناعي، تم تصميم وجهه من خلال استلهام وجوه عدد من مذيعي الشبكة الصينية، وقد تناقلت الخبر وكالات عربية بعناوين رنانة مثل: نشرة تحبس الأنفاس، وروبوت يهدد مستقبل المذيعين، إلى آخر ذلك مما تطالعنا به قنواتنا في كل مرة تنشر فيها قصصاً مشابهة، وآخرها الروبوت «إعلامي المستقبل» الذي تم الكشف عنه خلال منتدى الإعلام العربي بدبي، وقد تم عرض هذا المذيع المثالي على أنه لا يحتاج...
ويستطيع الذكاء الاصطناعي الآن محاكاة الإنسان كشخصية افتراضية تعمل على مدار 24 ساعة، مقدمة تجربة ناجحة لدمج التسجيل الصوتي والفيديو، كما يمكن لهذا النظام كتابة آلاف القصص الخبرية التي تحتاج إلى جهد ووقت كبيرين من الصحفيين والمحررين عادة، فيما سيساهم في تخفيض تكاليف التسجيل، وسرعة الأداء ورفع فعالية العمل التلفزيوني، كما يعد المبرمجون.
ومن الضروري هنا أن نقف عند معضلات كثيرة تواجهنا مع ارتفاع وتيرة الانحياز تجاه الذكاء الاصطناعي من قبل مبتكريه ضد إخوانهم البشر، هذا الانحياز الذي يكاد يعميهم عن مخاطر تتعلق ببقاء البشرية وسلامتها، مثل الجوانب الأخلاقية - من دون أن ننكر الأشواط الطويلة التي قطعتها هده التقنيات في السنوات الأخيرة بإيجابية - فكيف نضمن أن هذا المذيع المبرمج لن يبدي تحيزات لمصلحة المؤسسة التي يخدمها ضد ثقافات معينة في المجتمع؟ ثم إن هناك تردداً كبيراً يبديه الخبراء في هذا الشأن، حول معايير واضحة لاختبار حقيقي...
كما يجب ألا ننسى في هذا الطرح ذكر الفروق الجوهرية بين ما قدمته الصين، وما تتباهى به بعض المؤسسات الإعلامية العربية، فنحن نتحدث عن الذكاء لا الآلة وحدها، فإن كان الروبوت الذي شاهدناه في المنتدى الأخير صالحاً لتأدية خدمات الإرشاد، والمحاكاة، وتخليص المعاملات السهلة، فما مدى قدرته على الوقوف أمام كاميرا الحدث للنقل بالتفاصيل المرئية والسمعية من دون أخطاء في المحتوى قد تكون كارثية الوقع على المؤسسة الإعلامية...
بطبيعة الحال، لا يمكننا محاكمة الأنظمة التكنولوجية، إذ إن ذلك يعني أننا نجازف بفقدان سيطرتنا على ما ابتكرناه، ولكن اللوم كله يقع على العاملين في هذا القطاع الذين لم ينجحوا في التعامل مع مزاحمة شبكات التواصل الاجتماعي، حتى بدأوا يعكسون قلقاً كبيراً يتعلق باستبدال الوظائف ليس إلا، في حين أن ما نحتاج إليه هو وقفة جادة من مفكري العلوم الإنسانية وفلاسفتها لدراسة أبعاد هذا التحول الأخلاقي والإنساني الاجتماعي والوظيفي.