التّغَرْبُـن ليس من الحداثة.. بقلم: عبد الاله بلقزيز صحيفة_الخليج
يكفي أن تسمع سياسيّين أو مثقّفين غربيّين يتحدّثون، مثلاً، - فيما دولُهم في لحظة اشتباكٍ حربيّ مع بلدان إسلاميّة - عن الحروب الصّليبية حتّى تُدْرك كيف ما تزال الذاكرة تزوِّد الغربي بالصُّور والتمثّلات القديمة عن الإسلام ومجتمعاته، وتجهِّز وجدانه العدائي بها مستنفرة إيّاه ضد خصمه.
ما من شكّ في أنّه لا الحداثيّون الغربيّون ولا الحداثيّون العرب، الذين أومأنا إليهم، مسكونُون بالتّراث أو أنّ وعيهم محكومٌ بالسّلطة المرجعيّة للتّراث؛ ولا من أحدٍ منهم، أيضاً، تغيَّا من درْسه التّراثَ أن يبعث الرّوح فيه، ثانية، فينصّبَه نظاماً للمعرفة والاجتماع حاكماً في أوروبا القرنين 19 و20، وفي البلاد العربيّة في القرن الماضي وهذا القرن. لقد كان الجامع بين هؤلاء، هناك وهنا، النّظرة النّقديّة العميقة التي تسلّحوا بها في قراءة الموروث وتفكيك مطلقاته قصد إعادة مَوْضعته في تاريخييّته الخاصّة.